كيف يعمل المفاعل النووي؟ وما هي استخداماته ومخاطره؟
المفاعل النووي، ربما ينسى البعض كلمة “المفاعل” ويركزون على الهالة المحيطة بكلمة “النووي”، فقد جلب الاكتشاف النووي معه تهديدًا للبشرية جمعاء، ونستذكر حادثة هيروشيما وناجازاكي، بالإضافة إلى كارثة تشيرنوبل، لكن ماذا عن الآثار الإيجابية للمفاعل النووي؟
ما هو المفاعل النووي؟
المفاعلات النووية هي عبارة عن منشآتٍ ضخمةٍ يتم السيطرة من خلالها على عملية الانشطار النووي حيث يحافظون على أجواءٍ مناسبةٍ لاستمرار عملية الانشطار دون وقوع أي انفجاراتٍ أثناء عملية تسلسل الانشطارات.
كيف يعمل المفاعل النووي؟
- من أجل الحصول على الطاقة، يجب أن يحصل هناك تفاعلٌ نوويٌّ متسلسل، ويحدث هذا التفاعل عند امتصاص نواة اليورانيوم نيوترونًا، مما يؤدي إلى انشطاره مطلقًا كميةً ضخمةً من النيوترونات الحرة التي تصطدم بذرات يورانيوم أخرى، وبهذا تحدث مزيدُ من عمليات الانشطار، وتنتج كميات كبيرة من الطاقة الحرارية.
- تعمل الحرارة الناتجة على تسخين الماء، وبالتالي إنتاج البخار المحرّك للتوربينات.
- تُحوّل المولّدات الطّاقة الحركيّة إلى كهربائية.
من اخترع المفاعل النووي؟
من أوائل من اقترح بناء مفاعلٍ نوويٍّ هو إنريكو فرمي عالم الفيزياء إيطالي الجنسية، والذي حاز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1938، حيث أشرف مع زميله اليهودي المجري ليو زيلارد على بناء أول مفاعلٍ نوويٍّ في العالم عام 1942، أما الغرض الرئيسي منه فكان تصنيع الأسلحة النووية.
في الولايات المتحدة، وفي عام 1951، تم إنتاج الطاقة الكهربائية للمرة الأولى من مفاعل ايداهو.
في المستقبل البعيد، يتوقع بعض الأخصائيون والخبراء نقصًا في الطاقة الكهربائية؛ بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، والتي سببتها أنشطة البشر المتعديّة على الطبيعة؛ مثل تكرير النفط، محطات الطاقة، عوادم السيارات، وغيرها من الأسباب.
وهناك اعتقادٌ سائدٌ أنّ السّبيل الأمثل لسدّ نقص الطّاقة الكهربائيّة مستقبلًا هو الطاقة النووية.
استخدامات المفاعل النووي
لا تقتصر استخدامات المفاعل النووي على توليد الكهرباء فحسب، بل تشمل كلًأ من:
الزراعة والغذاء:
ربما تكون هذه معلومة مخيفة وغريبة في نفس الوقت، لكن بعض المزارعين يستخدمون الإشعاع في بعض دول العالم لمنع تكاثر الحشرات الضارة، وتقليل أعدادها، وحماية مختلف المحاصيل الزراعية، مما يؤدي بالنهاية إلى توفير غذاءٍ بكمياتٍ أكبر للعالم أجمع.
تعتبر عملية (التشعيع) أو تعريض الطعام للإشعاع نوعًا من التعقيم؛ حيث تعمل على قتل البكتيريا الضارة والكائنات الأخرى غير المرغوب فيها، ولا تقلق من تحوّل طعامك إلى غذاءٍ مشعٍّ أو من تأثّر القيمة الغذائية لطعامك بسبب الإشعاع، فذلك لن يحدث. في الواقع، تعدّ عملية التشعيع الطريقة الفعالة الوحيدة لقتل البكتيريا في الأطعمة المجمّدة والنّيئة.
الطب:
أصبح بالإمكان تصوير ما يوجد داخل جسم الإنسان بفضل التقنيات النووية، كما ساهمت هذه التقنيات الحديثة في علاج بعض الأمراض، مثال؛ تمكّن الأطباء بشكلٍ دقيقٍ من تحديد كمية الإشعاع اللازمة حسب الأبحاث لقتل الخلايا السرطانية دون إحداث أضرارٍ بالخلايا السليمة.
استكشاف الفضاء:
تمكين العلماء من استكشاف الفضاء بدقة والفضل يعود للتقنية النووية؛ حيث يمكن للمركبات الفضائية التي تطير من دون طيّار أن تعمل لسنوات بفضل الحرارة الناتجة عن البلوتونيوم والتي تولّد الكهرباء.
وقد استخدمت 27 بعثة فضائية الطاقة النووية على مدى الخمسين عامًا الأخيرة من أجل استكشاف النظام الشمسي، حيث
يمكن تشغيل هذه المركبات الفضائية أثناء تجولها في عمق الفضاء بفضل تقنية الطاقة النووية التي تعد مصدرًا موثوقًا وطويل الأمد للكهرباء.
تحلية المياه:
حسب ما أوردته الرابطة النووية العالمية، فإن خُمس سكان العالم لا يملكون ماءً صحيًا للشرب، ومن المتوقع أن يزيد هذا المعدّل، لكن هذه ليست النهاية، حيث تساعد الطاقة النووية في تحلية المياه عن طريق تنقية مياه البحر من الملح وجعلها صالحةً للشرب.
مخاطر المفاعل النووي
عند ذكرنا لمخاطر المفاعل النووي، فلن ينسى أي منا ولا الأجيال اللاحقة أكبر كارثة نوويّة شهدها التاريخ، وهي كارثة المفاعل النووي تشيرنوبل التي وقعت في عام 1986، قرب مدينة بريبيات الواقعة في شمال أوكرانيا السوفيتية، حيث تم إجلاء أكثر من مائة ألف شخص من جميع المناطق المحيطة بالمفاعل، واعتبرت السلطات الأوكرانية منطقة تشيرنوبل “منطقة منكوبة”.
المفاعل النووي هو الجهاز الذي يولّد الطاقة النووية، والمبنى الذي يحتوي عليه، فإن تعرض المفاعل للتلف، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع في درجة حرارة المفاعل، وبالتالي انصهار قلبه.
وهذا ما حدث في تشيرنوبل، حيث انصهر قلب المفاعل رقم “4”، بعد ذلك حدث انفجاران كبيران، واشتعلت النيران بكثافة، وتصاعد الدخان إلى السماء لمسافة كيلومترٍ واحدٍ بالمنطقة، وتكونت سحابةٌ مميتةٌ قاتلةٌ من الإشعاعات النووية انتشرت في كل من أوكرانيا، وروسيا البيضاء، وروسيا. وتجزأت هذه السحابة إلى ثلاث سحابات، تحركت السحابة الأولى المتجزئة بفعل الرياح إلى بولندا والدول الإسكندنافية، وتوجهت الثانية إلى التشيك ثم ألمانيا، أما الثالثة، فتحركت نحو رومانيا وبلغاريا واليونان وتركيا.
إن التعرض للإشعاعات النووية يسبب إصابة الإنسان بأمراض السرطان، وبعد حادثة تشيرنوبل، توقّعت منظماتٌ دوليةٌ وفاة ما بين عشرة آلاف وأكثر من تسعين ألف شخص بسبب إصابتهم بمرض سرطان الغدة الدرقية. أما منظمة السلام الأخضر، فقد تنبأت بوفاة 93 ألف شخص بسبب الإشعاعات النووية الناشئة عن حادث كارثة تشيرنوبل، فيما سجلت المنظمة الطبية الألمانية إصابة أربعة آلاف شخص في منطقة الحادث بسرطان الغدة الدرقية.