هل فكرت بقرصنة الشبكة الكهربائية .. إن كنت ترغب بالمحاولة فالأمر ليس بالسهل
الكابوس سهل بما فيه الكفاية لتخيله. يجلس الأشرار في غرفة مظلمة، يُضيئها الوهج الأخضر لشاشة الكمبيوتر. وفي هذه الأثناء، يُراقب الفنيون في رعب من مكان ما في الغرب الأوسط حيث يفقدون السيطرة على أنظمتهم الكهربائية. وفجأةً، غرق مئات الآلاف، بل الملايين في الظلام.
ظهر هذا المشهد في الأسابيع الأخيرة، إذ حذر خبراء في الأمن الفيدرالي في وزارة الأمن الداخلي الأمريكي من أن المخترقون الذين ترعاهم بعض الدول استهدفوا أشياء أخرى مختلفة عن الانتخابات الأمريكية – فهم يستهدفون الشبكة الكهربائية أيضاً. وقد وصلوا إلى المرحلة التي يستطيعون فيها أن يمتلكوا مفاتيح التشغيل ضمن الشبكة وقد ربطت كل من وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكيين هذه الهجمات بروسيا – التي كانت متهمة بالفعل كجاني في هجومين أطفأا الطاقة عن مئات الآلاف من الأشخاص في أوكرانيا، وذلك في شهر سبتمبر أيلول في كل من عامي 2015 و 2016. وهذا أمر مثير للغاية – أزمة عالية المخاطر يجب حلها على الفور.
ومن المدهش أنَّ بعض خبراء الأنظمة الكهربائية يفكرون في الأمر بطريقة مختلفة. وقالوا أنَّ الهجمات السيبرانية على الشبكة هي خطر حقيقي. ولكن أسوأ السيناريوهات التي نتخيلها ليست محتملة. وهي ليست أزمة قصيرة الأجل، أو مع مخاطر يمكن حلها بشكل دائم. ولكن يبقى تعطيل الشبكة أصعب بكثير من مجرد تحريك المفتاح، إلا أنَّ الخطر حقيقي – وقد لا يختفي أبداً.
وقال ممثلون عن منظمتين غير ربحيتين – وكلاهما يلعبان أدواراً كبيرة في كيفية تنظيم الشبكة الكهربائية وصيانتها – إنه من الأسهل تصور سيناريوهات الكوارث بدلاً من إنشاء سيناريو واحد. وعلى الرغم من وجود بعض الكتب المثيرة جداً حول تعطيل الشبكة بأن شخصاً ما قد يضغط بأصبعه على زر الماوس وكل شيء سوف ينطفئ في الوقت نفسه. إلا أنَّ الشبكة لا تعمل بهذه الطريقة. فالبنية التحتية الكهربائية مدعمة بالشبكات الاحتياطية والتغيرات الإقليمية – وهما شيئان يعوقان التخريب الواسع النطاق.
هذا لا يعني أنَّ الشبكة لا تتعرض للهجوم، لكن لم تكن هناك أي هجمات ناجحة بعد – أي أنَّ المتسللين لم يسببوا أي انقطاع في الكهرباء.
لقد كانوا يحاولون اختراق البنية التحتية الحيوية لفترة طويلة. وتشير تقارير الحوادث التي نشرها فريق الطوارئ السيبرالي – وهو قسم من وزارة الأمن الداخلي الأمريكية الذي يقوم بالتدريب ويستجيب للهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الحيوية – إلى أنَّ البنية التحتية للكهرباء والنفط والغاز الطبيعي قد تم استهدافها بشكل روتيني لسنوات. وهذه الهجمات تسجل سنوياً.
ومع ذلك، سيكون من الصعب أن تؤدي هذه الهجمات إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، وفقاً لأبحاث الأمن السيبراني في معهد أبحاث الطاقة الكهربائية الأمريكي، وهو مختبر أبحاث وتطوير غير ربحي. وهذا صحيح حتى لو نجح المتسللون في النهاية في السيطرة على بعض الأنظمة الكهربائية.
فالشبكة الكهربائية في أمريكا الشمالية مثلاً متنوعة في هندستها ولديها فائض في تصميمها. ورغم أنّه غالباً ما يتم الاستشهاد بالهجمات الأوكرانية كدليل على أنَّ مئات الآلاف من الأمريكيين قد يجدون أنفسهم فجأة في الظلام بسبب المتسللين. لكن التسلل إلى الشبكة الأوكرانية أسهل بكثير من التسلل إلى الشبكة الأمريكية الشمالية. ذلك لأن البنية التحتية لأوكرانيا أكثر تجانساً، نتيجة لعمليات التركيب التي حدثت في ظل الاتحاد السوفيتي السابق الموحد. وعلى النقيض من ذلك، بدأت الشبكة في أمريكا الشمالية على شكل خليط من الجزر الكهربائية غير المتصلة، كل منها مصمم من قبل شركات لم تكن تنسق مع بعضها البعض. وبالتالي فإن تعطيل وحدة واحدة والانتقال إلى المبنى المجاور والقيام بتعطيل المرفق المجاور سيكون تحدياً صعباً للغاية.
وفي الوقت نفسه، تحتوي الشبكة الكهربائية بالفعل على الكثير من الفائض التي يتم بناؤها لمنع انقطاع التيار الكهربائي الناتج عن المشاكل الشائعة مثل أطراف الأشجار المكسورة أو موجات الحرارة – وتساعد تلك العناصر الزائدة أيضاً في منع هجوم إلكتروني ناجح من التأثير على عدد كبير من الأشخاص.
وأخيراً، إذا كانت فرص حدوث الكارثة السينمائية منخفضة، فإن فرص وجود بطل مسرحي على الخيل الأبيض للإنقاذ اليوم أقل من ذلك. فمحاولات جعل الشبكة الكهربائية أقوى وأكثر مرونة يعني أيضاً جعلها رقمية بشكل أكبر – والعمل الذي يتم إجراؤه لتحسين البنية التحتية قد يخلق أيضاً فرصاً جديدة لدخول الهاكرز. وإن التحسينات الأمنية لن تقضي نهائياً على هذه المخاطر. فالخطر موجود وسيجد الناس طريقة جديدة للهجوم. وقد نعيش مع التهديدات السيبرانية على الشبكة لبقية حياتنا.
راجع أيضاً: